[ad_1]
القاهرة – سعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لتبديد مخاوف المعارضة بشأن ما انتهت إليه جلسات الحوار الوطني في البلاد، مؤكدا إحالتها إلى الجهات المعنية في الدولة لدراستها وتطبيق ما يمكن منها في إطار صلاحياته القانونية والدستورية، وتقديم ما يستوجب إلى مجلس النواب لإقرار تشريعات لتطبيقها.
وأعلن ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني عقب جلسات مطولة عُقدت الأربعاء، أن مجلس أمناء الحوار رفع ما توافق عليه من توصيات ومقترحات إلى الرئيس السيسي، وسيتم إصدار بيان توضيحي بكل ما تم رفعه ليكون تحت نظر الشعب.
واستبق رشوان تذمر المعارضة من رفع توصيات بعيدة نسبيا عن الشق السياسي بتأكيده أن “ما تم رفعه للرئيس من مقترحات يمثل فقط الموضوعات التي تمت مناقشتها والانتهاء منها بالتوافق حولها، إجماعا أو تمايزا”، مشددا على أن الحوار وجلساته العامة والمتخصصة مستمرّان بلا انقطاع في الفترة المقبلة.
ولم تتطرق التوصيات المرفوعة للسيسي إلى أي مقترحات حول مطالب قوى المعارضة، لاسيما ما يرتبط بالحبس الاحتياطي وفتح المناخ العام ورفع سقف الحريات، فلم يتم التوافق حولها بين القوى السياسية المختلفة بشكل يُلزم مجلس أمناء الحوار بالتعامل معها كتوصية شبه جماعية تتطلب تحركا من السلطة.
ولم تطمئن المعارضة لما وصلها من تأكيدات بأن هناك ملفات سيناقشها الحوار قربيا، بينها تحديات عمل النقابات وتعديل تشريعات الحبس الاحتياطي، والتضخم وغلاء الأسعار، والتعليم الجامعي، وقانون الأحزاب، والتمكين السياسي للشباب، والعقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والإبداع، وتخشى أن يكون التأجيل لعدم القدرة على تبني موقف توافقي بين الحكومة والمعارضة فيها.
وتأخذ دوائر معارضة على خطوة تقديم توصيات لرئيس الدولة أنه لم يتم الإعلان رسميا عن طبيعة ما انتهى إليه الحوار الوطني، والملفات المقترح أن تصدر بشأنها قرارات أو يناقش البرلمان حولها تشريعات.
لكن دوائر أخرى قريبة من الحكومة قالت إن إدارة الحوار أجلّت الإعلان عن التوصيات إلى حين اطلاع الرئيس السيسي عليها أولا، إذ يمكن أن تكون هناك تحفظات على بعضها من جانبه، ما يضع السلطة والمعارضة في حرج.
وتريد قوى معارضة عدم الاكتفاء بتوصيات القضايا البعيدة عن الشق السياسي، وبالتالي يستمر التضييق النسبي في الشارع بالتزامن مع اقتراب انتخابات الرئاسة، ما يقوض تحركاتها للمنافسة أو الدفع بمرشح لها وتصبح مشاركتها في الحوار سلبية.
واستبق السيسي حديث التوصيات بتأكيده عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا) أنه يتلقى باهتمام بالغ مخرجات الحوار الوطني في كافة المحاور، السياسية والاقتصادية والمجتمعية، مؤكدا دراسة جميعها وتطبيق ما يمكن منها في إطار صلاحياته الدستورية والقانونية، مع إحالة ما يتبقى منها إلى الجهة التشريعية.
واستقبلت قوى سياسية تفاعل السيسي مع مخرجات الحوار الوطني بترحيب بعد تعهده بالتنفيذ، ما وفّر دفعة معنوية بأن السلطة مستعدة لتصويب الأخطاء ولن تمانع في تصويب المسارات طالما أن هناك توافقا وطنيا.
وكشفت مصادر سياسية لـ”العرب” أن عدم وجود توصيات سياسية مرتبطة بشواغل المعارضة ناتج عن عدم مناقشتها بشكل معمّق وتحتاج إلى مزيد من الوقت لتكون متوافقة مع الوضع الراهن لكي تلقى قبولا عاما، لأن العبرة في استجابة السلطة لما يُطرح وليس مجرد إبلاغها بالمطالب.
وقال رئيس حزب التحالف الشعبي مدحت الزاهد إن معضلة الحوار الوطني في اشتراطه التوافق حول قضية بعينها ليرفع توصياتها إلى الرئيس، مع أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك إجماع على طلب بعينه ولا بد من نقل شواغل المعارضة لتغيير الواقع السياسي إلى الأفضل، خاصة أن رئيس الدولة تعهد بالانفتاح على كل الآراء.
وأضاف لـ”العرب” أن الحوار يتم بين وجهتي نظر وليس مهما وجود تطابق في الأفكار والقناعات بين أحزاب الموالاة والمختلفين معها، فالمطالب وطنية وتتلامس مع نبض الشارع، والبلاد ليست في رفاهية لتأجيل مناقشة قضايا سياسية ذات أولوية.
وترفض قوى معارضة الاقتناع بأن الملفات العالقة بينها وبين السلطة على مدار عقود يصعب حلها من خلال جلسات حوارية متقطعة، لأن هناك مكتسبات للحوار، بينها حدوث انفتاح نسبي في الفضاء العام، وتراجع الزج بالنشطاء السياسيين في السجون، والإفراج عن المئات منهم، وبعضهم كان من الصعب إطلاق سراحه بلا حوار.
وتأبى دوائر حكومية أن تستجيب لمطالب المعارضة دفعة واحدة أو توافق على تقديم تنازلات لأحزاب وحركات سياسية ضعيفة ولا تملك قدرة تمكنها من مناكفة النظام، لذلك تتباطأ الحكومة مع توصيات المعارضة لكسب الوقت.
ويقول متابعون إن تفاعل السيسي مع مخرجات الحوار الوطني يعزز مصداقية الفكرة وسط تعقيدات سياسية واقتصادية، حيث كانت شريحة كبيرة في المجتمع لديها شعور بأن الحوار أداة لتخدير الرأي العام فقط، أو جزء من مسرحية سياسية هزلية.
وألمحت أصوات معارضة بأنها تورطت في حضور حوار هدفه تلميع صورة النظام الحاكم وترميم شعبيته، لكن اهتمام الرئيس السيسي بمخرجاته يمكن أن يقوض الندم.
ويضيف هؤلاء المتابعون أن هناك تغيرا واضحا في نبرة الرئيس السيسي تجاه المعارضة، وهو المكسب الأهم بالنسبة إلى الأطراف المختلفة مع السلطة، فلم يكن يقبل النقد أو التعليق على سياسات الحكومة سابقا، وانتقد عدم واقعية بعض الأصوات عندما انتقدت الواقع وطالبت بضرورة تغييره.
ولفت الزاهد إلى أن أحد مكتسبات الحوار وجود شبه اقتناع عند العديد من الدوائر الرسمية بأنه من الطبيعي وجود اختلاف في الرؤى، وأن الاصطفاف الوطني لن يغير الواقع إلى الأفضل، ولا بد من وجود رقابة على السياسات والتصرفات لتصويب المسارات الخاطئة.
واتفقت أصوات معتدلة على أن نظرة السلطة وتفاعلها بجدية مع توصيات الحوار الوطني سوف يرفعان سقف الطموحات بوجود نية للإصلاح السياسي الحقيقي خوفا من أن تتهاوى مصداقيته كثيرا.
وطالما لم يضع النظام المصري خطوطا حمراء أمام توصيات الحوار الوطني، فإنه يمهد الطريق أمام المعارضة لتقديم ما لديها من مطالب تلامس شواغلها السياسية.
ومن المهم أن يكون ذلك عبر مظلة شرعية اسمها الحوار، وليس بطرق أو مسارات تستهدف لي ذراع الدولة في توقيت تواجه فيه تحديات صعبة في الداخل والخارج.
[ad_2]
Source link